!!.. فى بيتنا فارفور ..!!
فى البداية احب ان اعرفكم بنفسى اسمى فارفور هكذا كنت استمع إليهم يقولون لى دوماً ، عمرى مجرد شهور قليلة .
وهذه هى مذكراتى وتجاربى فى الحياة ربما هى ليست كثيرة لان عمرى قليل ولكنها تساوى الكثير عندى ..
كنت اعيش منذ ولادتى فى مزلنا الصغير فى احدى الشقوق الموجودة فى دكان عم برعى تاجر الصابون ، وكان اهوى الجلوس فى حجرتى الصغيرة اشاهد كيف يكفاح ابى وامى لاحضار الطعام لى دون ان يلاحظ عم برعى الذى كلما شاهد احدهما يعلو صوته ويحضر العصاة ويتوعدهم بالفتك بهم .
ولم اكن اعلم ذلك السر الخفى فى كره عم برعى لى ولاسرتى الصغيرة ، وكم حاولت ان اعرف من امى ولكنها كانت تخبرنى ان اتخذ الحذر من بنى البشر دوماً لانهم يتصفوا بالغدر .
وكنت استمع لحديثها المخيف عن هؤلاء البشر وكيف هم سفاحين وقتلة قتلوا الكثير من اقاربى بدون اى شفقة او رحمة بهم .
ولكن مع كل هذا كنت أرى ان بنى البشر ليس مخطأ فى تلك التصرفات الحمقاء فكما نحن مخلوقات مقززة بالنسبة لهم هم ايضاً مخلوقات مقززة لنا .
ومرت الايام على وترية واحدة انا لا اغادر حجرتى وانتظر عودة بى وامى ..
حتى ذلك اليوم الذى تنأخروا كثيراً فى الحضور ، فدب القلق باب قلبى وقررت ان اخرج للبحث عنهم ..
وما ان خرجت من منزلنا الصغير حتى وجدت امى تجرى مهرولة والذعر يتملكها وعندما سألتها ما سر تلك الحالة وأين أبى ...؟
حتى وجدتها تصرخ والدموع تنهمر من عيونها السوداء الصغيرة لتغرق شواربها الرقيقة وبصوت مختنق قالت لى لقد وقع اباك فى فخ من تدبير المدعو برعى ولم استطيع انقاذه وربما هو الان فى طريقة الى النهاية المحتومة لنا جمعياً ..
فصرخت
لالالالالالالالالالالالالالالالالا
أبى
أبى
أبى
ثم سقطت فاقداً للوعى ..
ثم سقطت فاقداً للوعي ..[center][center]لا أعلم كم من الدقائق مرت على وأنا غائب عن الوعي ، ولكنى عندما أفقت أبصرت أمي المسكينة مازالت تبكى وتأكدت أن ما حدث ليس حلم بل انه كابوس لا بل انه واقع أليم ..
وجريت نحو الخارج أبحث عن أبى المسكين لعلى استطيع إنقاذه أو ربما أودعه الوداع الأخير ..
ورأيته بداخل ذلك الصندوق المعدني المسمى بالمصيدة يجرى يمين وشمال يحاول الخروج ولكن دون جدوى ، حتى لمحنى من بعيد ابتسم لي وقال لا تحزن يا صغيري فأنت الآن فاراً كبير وتستطيع أن تتحمل المسئولية وأتى عم برعي حمل المصيدة وشق طريقة إلى خارج الدكان .. لا اعلم إلى أين .. وهرولت خلفه اصرخ .. أبى أبى لا ترحل أبى إلى أين أنت ذاهب ..
حتى تعثرت قدمي فى بقايا الصابون الملقى فوق الأرض ..
ونظرت إلى أبى وجدت فى عيونه قطرات من الدموع .. دموع الفراق ، واختفى عم برعي ومعه أبى وعدت إلى المنزل جريح القلب بائس ، فوجدت امى مازالت تبكى ارتميت بين أحضانها ابكي معها ..
............................
وأشرقت شمس الصباح .. كانت امى المسكينة مازالت نائمة أو ربما تتظاهر بالنوم لتخفى حزنها عنى ، ولكنى جلست أفكر ماذا افعل ..؟
وقررت الانتقام من المدعو برعي ، قررت أن اجعله يجرب قسوة الحزن ومرارة الألم ..
وكان قراري لا رجعة فيه ، وبالطبع لم اخبر امى بما قررت حتى لا تجعلني أتراجع عنه لخوفها الشديد أن يصيبني أذى من ذلك الوحش برعي .
ومع ظلام الليل وبعد أن عادت امى وخلدت إلى النوم وخروج عم برعي ن الدكان وإغلاقه ، تسللت إلى الخارج وجدت كل شئ يغلفه الظلام ولكنى لم أتراجع وتسللت فى هدوء اشق طريقي إلى اعلي المكتب وبصعوبة وصلت إليه وظللت ابحث عن ذلك الصندوق الذي يحوى الأموال التي يكتسبها المدعو برعي ..
وبالفعل نجحت فى الوصول إليها وبدأت فى تنفيذ خطتي فى قرقضة تلك النقود الورقية من الجوانب ومن الوسط بشكل لا يجعلها مهما طال الزمن لا يمكن أن تصرف من جديد ..
واستمريت فى تنفيذ خطتي حتى الساعات الأولى من الصباح وكم كنت أعانى من ذلك المذاق السيئ للتك النقود ولكنى قررت أن أكمل حتى النهاية ، ونظرت إلى نتيجة خطتي وابتسمت ثم عدت من جديد متسللاُ إلى حجرتي وتصنعت النوم ولكنى كنت أتشوق إلى معرفة نتيجة خطتي الانتقامية .
حتى أتى موعد المدعو برعي لفتح الدكان وممارسة أعمال البيع بداخل الدكان الصغير ..
ومرت بعض الدقائق والجو يسوده الهدوء حتى ترامت إلى أذني صرخات عم برعي وهو يتوعدنا بأشد العذاب ، وضحكت من كل قلبي وأنا أراه يصرخ ويبكى حظه التعيس ، حتى أتت امى تلومني على ما فعلته وحاولت جاهدة أن تجعلني أتراجع عن ما نويت فعله ولكنى لن أتنازل عن قراري بالانتقام ..
ومر اليوم بهدوء فعم برعي لم يفعل اى شئ جديد أكثر مما تعود فعله كل يوم ومضى اليوم بسلام ..
واتى اليوم الجديد وأنا مازال أفكر بكيفية مواصلة خطتي فى الانتقام ، ولكن ما جعلني اندهش هو عدم حضور عم برعي كعادته ومر يومان على هذا الحال ولم يأتي ، حتى أن الشك بدا يدب بقلبي أن يكون قد أصابه مكروه بسبب ما فعلته ، ولم تدم حيرتي طويلا حتى أتى عم برعي فى اليوم الثالث كعادته كانت امى خرجت لتبحث عن طعام لي ولها . ولكن ما هذا الذي احضره عم برعي ، انه شمشون نعم انه هو ذلك القط الذي قتل جدي نعم اعرفه ..
يا ويلي ..
هل سيبقى هنا ..
وتلفت حولي فلم أجد أحدا يسمع صرخاتي ..
أين انتى يا أماه ..؟
يا ويلي ..
[center][b][size=25]هل سيبقى هنا ..
وتلفت حولي فلم أجد أحدا يسمع صرخاتي ..
أين انتى يا أماه ..؟
وارتعدت فرائصي خوفاً من ذلك الوحش شمشون ورايته وقد بدأ فى البحث عنا فى أرجاء الدكان الصغير وبدا يدس انفه الكبير بين الشقوق بحثا عنا ..
وشعرت أن نهايتي قد اقتربت وأنى سأموت على يد ذلك الوحش بل سأموت خوفا قبل أن يلمسني ، كل ما كنت أفكر فيه كيف أرى وجه أمي قبل أن القي حفتى . وشعرت به يقترب منى ، دس انفه الكبير بداخل بيتنا الصغير ، شعرت بأنفاسه تحرقني وشواربه الطويلة سيوف تطعنني .
وبدأ شمشون فى إطلاق صيحاته المعروفة عندما ينجح فى العثور على احدي ضحاياه المسكينة وبدأت عقارب الساعة تعلن النهاية . وبدأ شمشون فى محاولة القبض على بمخالبه القوية ..
وفجأة تراجع شمشون وصوت المواء يملأ المكان كأنه زئير احد الأسود ، ولكن لما تراجع وتركتني ولماذا يصيح هكذا ..؟
وحاولت التحرك لاستطلع الأمر ..
فوجدت شمشون يعدو خلف امى المسكينة وهى تحاول الهروب والمدعو برعي تعلو وجه علامات السعادة ويردد عبارات التشجيع للوحش شمشون ويحمسه أن يفتك بامى البائسة ..
وفى ثواني معدودة كانت امى بين أنياب شمشون ..
أماااااااااااااااااااااااااااااااااااه
.............................................
ووقفت حائر لا اعرف ما أصابني لماذا لم أتحرك لأدافع عن أخر ما تبقى لي بهذا العالم ..؟
فانا جبان نعم أنا جبان ..
وانهمرت دموعي ، ووجدت الضحكات تتعالى من برعي ويلقى بعبارات الثناء للوحش الكبير وقام بإحضار طبق كبير من السمك قدمه مكافأة عن حسن صنيعه .
وقتها أخذت قراري بان ارحل عن ذلك المكان واترك كل ما فيه من ذكريات حزينة .
وبمجرد أن بدا الجو فى الهدوء تسللت هربا من بيتي الصغير وأطلقت لساقي العنان إلى الدنيا الواسعة . كانت تلك هي المرة الأولى التي أغادر فيها كان عمن برعي إلى الشارع الفسيح ، لم أكن اعلم انه بهذا الزحام ، مئات الأشخاص يسيرون وعشرات السيارات ، وقررت أن أبدا حياتي فى مكان أخر بعيدا عن دكان عم برعي وعن تلك الحارة الصغيرة التي بها الدكان ، سأذهب إلى احدي المناطق الراقية .. ربما الزمالك أو المعادى لا بل الأفضل جاردن سيتي .
وركبت فوق أول تاكسي ذاهب إلى هناك يالا روعة المكان وجماله حقاً رائع وهادئ للغاية ، بالتأكيد هنا لن أجد أمثال برعي وشمشون .